صَوت مجلس النواب العراقي، في جلسته المنعقدة في 27 اَذار 2024، على الغاء المادة (226) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وتضمن التصويت على النص البديل للمادة المُلغاة تجريم من أهان علناً السلطات العامة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو السلطات الاقليمية أو المحلية أو دوائر الدولة الرسمية أو شبة الرسمية، مع استثناء أي قول أو فعل يُمارس في إطار حرية التعبير عن الرأي أو نقد السلطات العامة بهدف تقويم الأداء أو إبداء المظلومية.
في الوقت ذاته، أعطى مجلس النواب الحصانة لأعضائه من الملاحقة القانونية عما يُدلون به من اَراء وفقاً للتعديل الذي صَوت عليه المجلس على المادة (11) من نفس القانون.
أن نص المادة (226) المعدلة تضمن إستخدام مفردات غامضة ولغة مطاطة وعائمة، فالنص يُجرم "إهانة" السلطات العامة، ويُبيح "الانتقاد" في اطار حرية التعبير عن الرأي، دون تحديد خط فاصل بين "الاهانة" و "النقد"، ودون وضع ضوابط تُقيد التعسف في تنفيذ هذا القانون بحق أصحاب الرأي.
إن تصويت مجلس النواب العراقي على هذه التعديلات يأتي ضمن سلسلة خطوات متسارعة للتضييق على الحق في حرية الرأي والتعبير، شَملت ملاحقة أصحاب الرأي واعتقال الناشطين والناشطات وحجب مواقع اخبارية ومنع صحفيين وصحفيات من الظهور على وسائل الاعلام العراقية، وصولاً الى محاولات التصفية الجسدية واَخرها اغتيال الناشط والشاعر "فلاح البدري" في محافظة ذي قار بتعرضه لاطلاق نار من مجهولين في مساء يوم 30 اَذار 2024.
إلا أن تصويت مجلس النواب على هذه التعديلات يُعد سابقة خطيرة، كونه يَكشف عن توجه يُثير القلق، لأعلى سلطة تشريعية في البلد، لتَطويع القانون، في مخالفة واضحة لمبادئ الدستور العراقي الصادر سنة 2005، وخصوصاً المادة (37) منه، للضغط على أصحاب الرأي لخدمة أهداف سياسية وحزبية والانسجام مع قناعات تَجد في التعبير عن الاَراء خطر يجب مواجهته بكل الوسائل، بما فيها المواجهة من خلال مؤسسات الدولة الدستورية.
إن هذه الاجراءات تَطرح أسئلة جدية حول أهلية النظام الديمقراطي في العراق ومدى قناعة السلطة السياسية ومؤسسات الدولة الدستورية بالحق في حرية الرأي والتعبير والحق في الانتقاد ليكون المجتمع المدني شريك في عملية تشخيص الاخطاء واقتراح الحلول والمعالجات، وصولاً الى المشاركة المجتمعية الفعالة في الاصلاح وتقويم عمل مؤسسات الدولة.
تقع على عاتق مجلس النواب العراقي مسؤولية دستورية وأخلاقية في حماية الحريات والحقوق وتشريع القوانين التي تنسجم مع الدستور ومبادئ الديمقراطية، وأن التعديل الأخير لقانون العقوبات العراقي يُعد بمثابة تراجع من السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب عن الوفاء بالتزاماتهم في تعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وعليه ندعوا مجلس النواب العراقي الى إعادة النظر في هذه التعديلات، والتراجع عنها، كما ندعوا المجتمع المدني بكل فعالياته والمنظمات الدولية والناشطين والناشطات الى الضغط على السلطة التشريعية والقضاء العراقي لايقاف الاجراءات التعسفية التي تستهدف الحق في حرية الرأي والتعبير في العراق
حملة "احموا المدافعين عن حقوق الانسان في العراق الان"
2 نيسان 2024