في الذكرى الـ 31 لليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي تبنته الامم المتحدة في كانون الاول / ديسمبر 1993، بناءاً
على توصية من المؤتمر العام لليونسكو، نستذكر ما تَعَرَضت له بيئة العمل الصحفي من تحديات خطيرة، وما مَرَ به الصحفيون من محاولات حثيثة لمنعهم من أداء رسالتهم الصحفية بعد 21 عام من التغيير في العراق، حيث واجه الصحفيون والمؤسسات الصحفية محاولات جادة لتقويض دورهم من خلال التهديد والابتزاز والتضييق والاعتقال واستغلال الاجراءات القانونية بشكل تعسفي يهدف لأسكات الصوت الصحفي الحر في العراق، وقد قُتِل خلال السنوات الماضية عشرات الصحفيين الذين كانوا يتصدون للكشف عن الانشطة غير القانونية وحالات الفساد المالي والاداري المستشرية في مؤسسات الدولة، فضلاً عن انتهاكات حقوق الانسان التي تُمارسها السلطات والمحاولات الممنهجة لتقويض الحق في حرية الرأي والتعبير واحتكار العمل في المجال العام. إن هذا النوع من التضييق الذي مارسته المؤسسات الرسمية بهدف الحد من قدرة المؤسسات الصحفية على إيصال الحقيقية الى المجتمع وكشف مواطن الخلل في عمل المؤسسات، حيث يحتاج الناس الى معرفة الحقيقة وتمثل الصحافة النافذة التي تنقل الحقيقة بشفافية الى الرأي العام.
ومع ما مَرَ به البلد من تحديات أمنية وانتشار السلاح وتَغَوّل مجموعات إرهابية وأخرى خارجة على القانون على حساب المؤسسات الرسمية وفرضها لأفكار وايدلوجيات لا تتناسب مع طبيعة الدور الذي تمارسه المؤسسات الصحفية والصحفيون، والذي يتطلب درجة عالية من الحماية والشفافية والمحاسبة، فأن الصحفيون في العراق لطالما كانوا يتعرضون الى تهديد من نوع اَخر يتمثل في عمليات الاغتيال على يد المجاميع الارهابية والخارجة على القانون، خصوصاً في المناطق التي شهدت صراعات مسلحة وعمليات عسكرية.
إن الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة هو حق أساسي وسمة مميزة للانظمة الديمقراطية التي تسعى الى خلق مجتمعات حيوية يكون فيها الحوار وتبادل المعلومات بشفافية والقدرة على الانخراط في مناقشات ايجابية وبناءة السبيل الأمثل لمواجهة الظلم وحالات الافلات من العقاب وبناء مؤسسات حديثة فاعلة تكفل حق المواطن في العيش بحرية وكرامة.
ومن هذا المنطلق، نؤكد أن مؤسسات الدولة، وعلى رأسها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، يقع على عاتقها التزام قانوني ومعنوي وأخلاقي، بموجب الدستور العراقي الصادر في العام 2005 والاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق كونه جزء من المنظومة الدولية، هذا الالتزام يتمثل في حماية الصحفيين والمؤسسات الصحفية من الانتهاكات ومحاولات التضييق على حرية الرأي والتعبير ومحاسبة الجهات، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، التي تُمارس الافعال التعسفية ضد الصحفيين واتخاذ الاجراءات القانونية الرادعة بحقها، فضلاَ عن تطوير البيئة القانونية الكفيلة بحماية الصحفيين، وتعديل القوانين الموروثة من النظام السابق، بما في ذلك قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، لتتناسب مع البيئة التشريعية الدولية والمواثيق والمعاهدات التي تكفل الحق في صحافة حرة وتدعم الحقوق الاصيلة في حرية الرأي والتعبير والحق في الوصول الى المعلومة.
كل عام والصحفيون في العراق والعالم بألف خير وهم يُمارسون دورهم ويؤدون رسالتهم ضمن بيئة حامية لهم، ضامنة لحقوقهم، ومقدرة لتضحياتهم.
مرصد حقوق
3 أيار / مايو 2024