أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، والذي شمل استعراضاً موسعاً لحالة الحقوق والحريات في العراق، مسلّطاً الضوء على الانتهاكات المستمرة التي طالت الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء البلاد.
لا تزال ظاهرة الإفلات من العقاب تمثّل السمة الغالبة في المشهد العراقي، لاسيما فيما يتعلق بملف الاختفاء القسري خلال الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي. وعلى الرغم من مرور سنوات على تلك الانتهاكات، فإن الحكومة العراقية لم تحقق تقدماً يُذكر في محاسبة المسؤولين عنها أو الكشف عن مصير المختفين قسراً، ما يجعل هذا الملف أحد أكثر القضايا الحقوقية والأمنية تعقيداً وغموضاً في البلاد. وفي السياق ذاته، تواصل السلطات العراقية تجاهلها لمطالب العدالة والمساءلة بشأن الانتهاكات الجسيمة التي رافقت احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، والتي شملت عمليات قتل واختطاف وتغييب قسري بحق نشطاء ومحتجين سلميين. ورغم تعاقب الحكومات، لم تُتخذ خطوات فعالة نحو كشف الحقائق أو ملاحقة المتورطين، بل شهدنا استمراراً في سياسة القمع من خلال ملاحقة النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ما يهدد الحريات العامة ويفاقم مناخ الترهيب.
أشار التقرير أيضاً إلى تدخل دائرة المنظمات غير الحكومية في حرية عمل منظمات المجتمع المدني، من خلال فرض قيود إدارية وتنظيمية تضمنت التدقيق في خلفيات المديرين، والتحكم في آليات مشاركة هذه المنظمات ضمن مراجعات الأمم المتحدة، وهو ما يقوّض استقلالية العمل الحقوقي ويحد من تأثيره.
وفيما يخص عقوبة الإعدام، رصد التقرير تنفيذ السلطات العراقية لسلسلة من الإعدامات، استناداً إلى أحكام صدرت على خلفية جرائم تتعلق بالإرهاب والقتل والمخدرات. وأشار التقرير إلى وجود انتهاكات للإجراءات القانونية، منها محاكمات غير عادلة، وعمليات إعدام جماعي نُفذت بسرية، دون إخطار مسبق لأسر المحكومين أو محاميهم، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
أما في إقليم كردستان، فرغم الخطاب الرسمي الذي يروّج للأمن والسلام، تستمر القيود المفروضة على حرية الصحافة. يتعرض الصحفيون للاستدعاءات الأمنية، والاعتقالات التعسفية، ومصادرة المعدات، فضلاً عن القضايا القضائية التي تُستخدم كأداة لتقييد عملهم وتقويض دورهم المهني.
وفي ما يتعلق بحقوق النساء، أبدى التقرير قلقاً بالغاً إزاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، والتي منحت المحاكم الدينية سلطة أوسع للتدخل في قضايا الأسرة، مما يعزز التفسيرات الدينية الضيقة ويفتح الباب لشرعنة زواج القاصرات، وحرمان النساء من حق الحضانة والمشاركة القانونية في الشأن الأسري. ورافق هذه المرحلة حملات ممنهجة استهدفت المدافعات عن حقوق المرأة، تمثلت في الإقصاء من النقابات، والتشهير الرقمي، وحملات التشويه التي هدفت إلى إسكات الأصوات النسوية المدافعة عن العدالة والمساواة.