تتابع حملة "احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الآن" بقلق بالغ استمرار سياسة الإفلات من العقاب في العراق، والتي أصبحت نهجاً مؤسسياً ترعاه جهات متنفذة داخل الدولة، ما أدى إلى غياب العدالة واستمرار الانتهاكات ضد النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان
تبرئة قتلة النشطاء وإفلاتهم من العقاب
في 10 اب 2023، نقضت محكمة التمييز الاتحادية حكم الإعدام الصادر بحق أحمد حمداوي عويد الكناني، الضابط في وزارة الداخلية والمتهم باغتيال الباحث والمحلل الأمني هشام الهاشمي في 6 تموز 2020. ورغم إقرار المتهم بارتكاب الجريمة وتوفر الأدلة الدامغة ضده، إلا أن القضاء العراقي، الذي يُفترض أن يكون حصناً للعدالة، خضع للضغوط السياسية، مما أدى إلى إطلاق سراح القاتل وإعادته إلى الخدمة ضمن وزارة الداخلية. هذه الخطوة تمثل صفعة جديدة لذوي الضحايا وللرأي العام العراقي، الذي كان ينتظر القصاص العادل بدلاً من تبرئة القتلة وإعادة دمجهم في مؤسسات الدولة.
من قاتل إلى صاحب امتيازات داخل السجن
قضية أخرى تعكس ترهل النظام القضائي العراقي وتواطؤ الجهات الأمنية مع المجرمين، وهي حالة كفاح الكريطي، المحكوم بالإعدام لضلوعه في اغتيال الناشط ثائر الطيب خلال تظاهرات تشرين الاول 2019. رغم صدور حكم الإعدام بحقه، إلا أنه لا يزال يتمتع بامتيازات غير مبررة داخل السجن، حيث ظهر مؤخراً في فيديو على منصة "تيك توك" وهو يستمتع بهطول الأمطار داخل محبسه، في مشهد مستفز يكشف عن مستوى الفساد المستشري في إدارة السجون العراقية، والتي تحولت إلى أماكن إقامة فاخرة للمجرمين بدلاً من أن تكون مؤسسات إصلاحية وتنفيذية للعدالة.
الإفلات من العقاب: سياسة ممنهجة برعاية السلطة
لم تعد هذه الحالات مجرد استثناءات، بل أصبحت القاعدة في العراق، حيث يتم إجهاض أي جهود لمحاسبة المتورطين في الاغتيالات والانتهاكات، في ظل بيئة سياسية تحمي القتلة بدلاً من إنصاف الضحايا. فالسياسيون المتنفذين، الذين تم احتجازهم لفترات وجيزة داخل سجن كرادة مريم، حصلوا على معاملة خاصة، وتم تهريب بعضهم في عمليات غامضة، مما كشف عن مدى التواطؤ بين السلطات الأمنية والجهات السياسية النافذة.
إن استمرار هذه الممارسات يعكس انهيار مفهوم الدولة وسيادة القانون، ويؤكد أن العراق أصبح بيئة غير آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء، حيث يمكن لأي شخص أن يُقتل أو يُغيب قسريًا دون أن يُحاسب الجناة، بل قد يتمتعون لاحقًا بالحماية والمزايا داخل السجون أو تتم تبرئتهم وإعادتهم إلى وظائفهم.
مطالب الحملة
إننا في حملة "احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الآن" نطالب بـ
- محاكمة القتلة المتورطين في اغتيال النشطاء والصحفيين، وتنفيذ العقوبات الصادرة بحقهم دون تدخلات سياسية
- فتح تحقيق مستقل وشفاف في التواطؤ داخل الأجهزة الأمنية والقضائية الذي يسمح بتهريب السجناء وإفلاتهم من العقاب.
- وضع حد للامتيازات غير القانونية داخل السجون، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد الإداري في إدارتها.
- إلزام الحكومة العراقية بتنفيذ توصيات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشأن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
- تفعيل دور القضاء المستقل وضمان عدم استخدامه كأداة لحماية النفوذ السياسي على حساب العدالة.
إن استمرار الإفلات من العقاب هو إعلان رسمي لانهيار منظومة العدالة، وهو ما يعزز ثقافة العنف ويضع المدافعين عن حقوق الإنسان في مواجهة خطر دائم. إننا ندعو جميع القوى المدنية والدولية إلى الضغط على الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات جادة وحاسمة ضد هذه السياسات، وإعادة الاعتبار لمفهوم العدالة في البلاد.
حملة احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الآن