بغداد، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2025  

مع حلول الذكرى السادسة لاحتجاجات تشرين التي انطلقت في أكتوبر 2019، تجدد حملة "احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق" تأكيدها على أن غياب المحاسبة عن الانتهاكات الجسيمة التي رافقت تلك الاحتجاجات يمثل تهديداً مستمراً لسيادة القانون وحقوق الإنسان في البلاد. 

لقد وثّقت منظمات حقوقية محلية ودولية استخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين السلميين، بما في ذلك استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع كأدوات للقتل وإطلاق الرصاص الحي، مما أدى إلى مقتل ما يزيد عن 560 شخصاً وإصابة الآلاف بين عامي 2019 و2021. هذه الأرقام لا تمثل مجرد إحصائيات، بل هي قصص لضحايا وعائلات ما زالت تنتظر العدالة. 

على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بمحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف، لا تزال آليات العدالة معطلة. إن القرارات القضائية الأخيرة، مثل الإفراج عن المتهم الرئيسي في قضية اغتيال الباحث هشام الهاشمي، وإعادة ضباط أمنيين متهمين بالتورط في أعمال عنف إلى الخدمة، تقدم مؤشرات مقلقة حول مدى استقلالية القضاء وتوفر الإرادة السياسية لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب. 

إن القمع لم يقتصر على فترة الاحتجاجات، بل تطور إلى استهداف ممنهج للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والصحفيين. فقد أصبح الاختطاف، والاغتيال، والملاحقات القضائية بتهم كيدية، وحملات التشهير الرقمي، أدوات لترهيب الأصوات المعارضة وخنق الفضاء المدني، مما يمنع أي حراك سلمي مستقبلي ويهدد سلامة المدافعين والمدافعات. 

في هذه الذكرى، وانطلاقاً من مسؤوليتنا، نؤكد في حملة "احموا المدافعين" على المبادئ التالية: 

١-العدالة أولاً: لا يمكن بناء استقرار مستدام أو تحقيق مصالحة حقيقية دون مساءلة شاملة وشفافة لجميع المتورطين في قمع احتجاجات تشرين، من القيادات العليا إلى المنفذين المباشرين. 

٢-الذاكرة حية: إن جرائم القتل والانتهاكات المرتكبة ضد المتظاهرين لا تسقط بالتقادم، ويجب أن تبقى حاضرة في الوعي العام كدافع مستمر للمطالبة بالعدالة. 

٣-حماية المدافعين: إن توفير بيئة آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان ليس مجرد التزام قانوني، بل هو شرط أساسي لوجود مجتمع صحي قادر على مساءلة السلطة وضمان عدم تكرار الانتهاكات. 

٤-مسؤولية الدولة: تقع على عاتق الدولة مسؤولية مباشرة في حماية الحق في الحياة والتعبير السلمي، وتقديم الجناة إلى العدالة، وتعويض الضحايا وعائلاتهم بشكل عادل. 

إن ذكرى تشرين ليست مناسبة للاستذكار فقط، بل هي دعوة متجددة للعمل. ندعو السلطات العراقية إلى اتخاذ خطوات جادة وملموسة لفتح ملفات التحقيق، وضمان نزاهة القضاء، ووضع حد فوري لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. فلا مستقبل للعراق دون عدالة لضحاياه. 

 

  حملة احموا المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق الان